مقاربة تاريخية للموروث الثقافي بالجنوب الشرقي المغربي: مداخلة في ندوة مهرجان الزاويت

07 September، 2025
10 دقائق للقراءة
مقاربة تاريخية للموروث الثقافي بالجنوب الشرقي المغربي: مداخلة في ندوة مهرجان الزاويت

تحليل معمق للموروث المادي واللامادي بالجنوب الشرقي المغربي، مقدم من طرف الدكتور عزيز فردان خلال الندوة العلمية لمهرجان الزاويت سيدي عثمان.

مقدمة: التراث الثقافي كرافعة للتنمية المحلية

في إطار الاحتفاء بالعمق الحضاري للمغرب، شكلت الدورة الثامنة والعشرون لـمهرجان الزوايت للثقافة والتراث منارة فكرية وثقافية، حاملةً شعار "إرث الأجداد، مسؤولية الأحفاد". وضمن فعالياتها المتميزة، برزت الندوة العلمية الكبرى التي نظمتها جمعية الزوايت للتنمية كحدث أكاديمي رفيع المستوى، جمع نخبة من الباحثين والمفكرين لمناقشة آليات حفظ وتثمين "الموروث الثقافي للمنطقة".

صورة جماعية للمشاركين في الندوة العلمية
صورة تذكارية للمشاركين في أشغال الندوة العلمية بزاوية سيدي عثمان.

السياق والرهانات الأكاديمية

  • التاريخ: الأحد 07 شتنبر 2025
  • المكان: مركز التربية والتكوين، زاوية سيدي عثمان، ورزازات
  • المنظم: جمعية الزاويت للتنمية
  • الهدف: فتح نقاش أكاديمي جاد حول سبل استثمار الموروث الثقافي كرافعة أساسية للتنمية المستدامة.
ملصق الندوة العلمية

مداخلة الدكتور عزيز فردان: تفكيك البنى التاريخية للتراث بالجنوب الشرقي

كانت للدكتور عزيز فردان، الباحث المتخصص في تاريخ النظم المائية والعمران بجامعة القاضي عياض، مداخلة افتتاحية نوعية شكلت حجر الزاوية في أشغال الندوة. لم تقتصر مساهمته على تقديم ورقته العلمية، بل امتدت لتشمل المشاركة في تحرير التقرير العلمي الختامي، مما يعكس الثقة في خبرته الأكاديمية.

"إن فهم تراث اليوم يقتضي بالضرورة العودة إلى جذوره التاريخية، وتفكيك العلاقات المعقدة بين الإنسان، والمجال، والموارد الحيوية كالماء، التي شكلت مجتمعةً ملامح حضارتنا."

- من مداخلة د. عزيز فردان

تقرير مقتضب عن أهم أفكار الندوة العلمية

بقلم الأستاذ: عبد اللطيف ناصر | تحرير: الباحث عزيز فردان

المداخلة الأولى: للباحث عزيز فردان

حاول الباحث الإحاطة بمختلف الجوانب التاريخية للتراث المادي واللامادي، وذكر متى بدأت الدراسات التاريخية تهتم بالتراث، وأورد الطريقة التي تدرس التراث المادي بالجنوب الشرقي وبلاد القبلة، وقام بإعطاء نماذج للبنية المجتمعية التي ساهمت في صناعة التراث نموذج القبائل الزناتية الصنهاجية باعتباره مكونات كان لها الفضل في وضع بصمات أولية للتراث المادي و للامادي بالمغرب، وعمل الباحث على ذكر السياق التاريخي لمجموعة من الدراسات الوسطية، وقدم ملاحظات حولها من حيث المعطيات المكتوبة نموذج كتاب ابن حوقل "صورة الأرض"، والبكري "بالمسالك والممالك"... وتطرق إلى الاطار الزمني من خلال ذكر تاريخ تأسيس مدينة سجلماسة سنة 140 هجرية، وتمكن صنهاجة من الدخول إلى أوذغست وإخضاعها سنة 350 هجرية، وطرد ممثل زنانة مسعود المغرواي من سجلماسة من طرف أتباع عبد الله بن ياسين سنة 450 للهجرة، كما عمل الباحث أن يضع تحديدا للإطار المجالي أي الجنوب الشرقي وبلاد القبلة، ووضع إشكالية للدراسة حيث أن أغلب المناطق الجنوب الشرقي وبلاد القبلة هي مناطق بدوية حاولت أن تتحضر من خلال الدولة الزناتية والدولة المرابطية والدولة الموحدية، ووضع تصورا لتجمع القبائل منه ما مرتبط بالماء منه ما هو مرتبط بالتجارة، وحاول كذلك أن يضع الغاية من التطرق إلى السياق التاريخي والمجالي حيث أن هذا التراث الذي وصل كان عبر مراحل، وقدم أمثلة للتراث المادي واللامادي كالقصور والقصبات وأشار كذلك في هذا السياق إلى الرسائل المتبادلة بين ألفونسو السادس والمعتمد بن عباد، وفي الأخير خلص أن التراث المادي واللامادي وصل إلينا وعلينا نقله إلى الأجيال اللاحقة.

خريطة معرفية للموروث الثقافي بالجنوب الشرقي

عرض دائري موجز للمفاهيم الأساسية دون تفاعل.

المداخلة الثانية: للأستاذ عبد السلام الدايم

تطرق الأستاذ في البداية إلى الغايات من الثقافة الشعبية حيث أنه حاول أن يسرد لنا الغاية من هذه المداخلة، وتطرق إلى المنهجية الأنتروبولوجية في تناوله للمقالة، وأشار إلى مفهوم الثقافة بصفة عامة وكذلك مفهوم الثقافة الشعبية باعتبارها نسق تعبيري للمشاعر والأفكار، وقدم نماذج لمجموعة من المكونات فيها ما هو فرجوي كتراث أحواش... وغيره، ثم ما هو طقوسي كفن الحضرة .. وكذلك المكون الاحتفالي كالزواج، وركز كذلك على ضرورة توثيق هذه الثقافة الشعبية لأنها أصبحت عرضة للاندثار .. وتطرق كذلك إلى المكون اللعبي نموذجا ألعاب ساحة المسجد، ثم المكون الحكاوتي الشعبي، وهنا تطرق إلى تحديات كثيرة، ووجوب فتح بحث أكاديمي جدي في هذا المجال... بحث إجازة أو ماستر أو دكتوره بهدف توثيق المورث المادي واللامادي... وسرد كذلك من بين الأمور التي يمكن أن تساعد في تطوير التراث الشفهي والحفاظ في المثن الأنثربولوجي ووثائق وأفلام قصيرة ومجلات ثراثية، وأورد مجموعة من التوصيات ووجود نشر هذه المقالات في مجلة المهرجان....

المداخلة الثالثة: للأستاذ يونس بوفكري

تطرق الأستاذ إلى مجموعة من النقط حيث أنه أشار إلى الجمرة التي بيدنا الان انطلاقا من الشعار، فهناك إرث للأجداد لا بد من تسليمه للأحفاد. كما ذكر ما هو مشترك يعني هنا الفنون الجماعية كفن أحواش باعتباره فنا جماعيا محلي قبلي، وأورد فن الفرجة وتطرق إلى "أسارك" أو "أسداو" حسب النقط، كذلك تحدث عن مجموعة من الباحثين الذين تناولوا إلى فن الفرجة في دراستهم الأكاديمية كالأستاذ المنيعي وخالد أمين... والباحث بطريس هنا ذكر العلاقة القائمة بين أطراف العملية الفرجوية (المؤدي والمتلقي)، وانطلاقا من هذا التواصل يكون المتلقي جزء هاما في تحديد الفرجة بإشراكه للجمهور، وقدم نموذج مشاركة بعض النساء في أحواش ... وذكر قضية تنوع المورث الثقافي وحسب الباحث فالثقافة المغربية فهي مزيج من الثقافات تضم ما هو أندلسي إفريقي عربي حساني أمازيغي يهودي... تناول مسألة المعمار والحلي.. هذا الخليط شكل قيمة مضافة للإنسان المغربي، فتعدد الروافد ساهمت في التنوع الثقافي.. وحسب الأستاذ لا بد من الخوض في هذه الأمور بهدف ضمان الاستمرارية من خلال الانفتاح على البحث الأكاديمي، وذكر كذلك الدور المهم الذي تلعبه مثل هذه الندوات في المهرجانات، فالمهرجان طرح سؤالا جوهريا كبيرا إرث الأجداد مسؤولية الأحفاد....

المداخلة الرابعة: للأستاذ عبد اللطيف ناصر

الأستاذ الباحث بدأ في البداية بقولة بيبر بروديو " بأن الفن ليس معزولا بل ومحاط بمجموعة من الوسائط"، وذكر النقاد و المهرجانات ومنها عرج على مهرجان زاويت سيدي عثمان كنموذج، وعرف التراث المادي و اللامادي وذكر أنه عملية حية تتجدد باستمرار، وأشار إلى ذكر دور هذا المهرجان وقال أن مثل هذه التظاهرة تلعب دور وسيط في الاتصال بالموروث الثقافي المحلي، وأكد أن الندوات الفكرية وساطة معرفية تتيح التفكير في التراث كأفق تنموي، وتناول نماذج من هذا التراث كرقص أحواش لها عدة دلالات كاللباس ويعكس الاعتزاز بالانتماء، وإيقاع أحواش يعزز التناغم الجماعي بين الأفراد، وأوضح أن هناك شرخ بين المؤسسة التربوية والواقع وبين الأفراد، كما أشار إلى ضرورة دخول الثقافة والفن إلى المجال التعليمي والمدرسة التربوية من أجل تعميم الفائدة، ثم عرج بعد ذلك إلى أبعاد الوساطة الفنية فالوساطة الفنية، و حسب الأستاذ فإن الوساطة الفنية تساهم في تنمية روح المشاركة و الذوق فهناك تربية جمالية وهناك بعد اجتماعي يتمثل في التلاحم الاجتماعي ومن بين الأبعاد إتاحة الانفتاح على الثقافات الأخرى ثم هناك بعد تنموي بضرورة جعل التراث رافعة أساسية في التنمية المحلية ثم ذكر بعض التوصيات كالتوثيق السمعي البصري والانتقال من الفرجة التقليدية إلى الوساطة التفاعلية والانتقال من الممارسة النخبوية للفن إلى الفن المتاح للجميع....

رسالة شكر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى السادة إدارة جمعية الزاويت سيدي عثمان للتنمية، وعلى رأسهم السيد مدير الجمعية الأستاذ كريم حميدي، على حسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظينا به. لقد كان التنظيم والالتزام، والاهتمام بتوفير المعلومات والموارد ذات الصلة محل تقدير بالغ. إن هذا المستوى من الاحترافية يعكس حرص مؤسستكم على خدمة المجتمع وتعزيز المعرفة. ونأمل أن تمهد هذه الزاوية لسبل تعاون مستقبلية مثمرة تخدم الأهداف البحثية والتطبيقية المشتركة. نكرر شكرنا وامتناننا، ونتمنى لكم دوام النجاح والتوفيق.

خالص التقدير والاحترام.

د. عزيز فردان

د. عزيز فردان

باحث في تاريخ النظم المائية والعمران بالمغرب الوسيط، حاصل على دكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية من جامعة القاضي عياض.

التعليقات

لا توجد تعليقات حاليًا.

قد يهمك أيضًا

05 April، 2025 | 12 دقيقة للقراءة

دراسة تحليلية نقدية للمنهج الخلدوني في كتابة التاريخ وتفسير الظواهر العمرانية والاجتماعية، مع استكشاف تأثيره على النظريات التاريخية المعاصرة وإمكانية توظيفه ...

قراءة المزيد
24 March، 2025 | 12 دقيقة للقراءة

رصد تاريخي وإثنوغرافي لتطور صناعة الدباغة في المغرب، مع تحليل لأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ودراسة للتحديات التي تواجهها في ظل متطلبات التنمية ال...

قراءة المزيد
17 March، 2025 | 10 دقيقة للقراءة

تحليل سوسيو-تاريخي لآليات التكيف التي طورتها الساكنة المغربية في منطقة إحاحان للتعامل مع التقلبات والأزمات المناخية، مع دراسة ميدانية للممارسات المجتمعية الم...

قراءة المزيد